بئس الكورة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أكيد طبعاً كلكم لاحظتم معي إنه في الفترة الأخيرة دي الاهتمام بالكورة – قصدي كرة القدم يعني – قد زاد، وزاد أوي أوي.

فعلاً الحكاية دي ملاحظها من مدة، ويقدر أي واحد يلاحظ الكلام ده من أكتر من ناحية، خد عندك مثلاً التشجيع، أصبح الكل يشجع كورة حتى لو ملوش فيها، الكبار والصغيرين والعيال ... وحتى البنات، آه الشباب منهم يعني، يعني عمري ما كنت أشوف بنات في المدرجات إلا نادراً – وأنا أقصد في مصر – ، لكن دلوقتي اصبحوا كتيير وكمان ملونين وشوشهم بالعلم وهيصة.

كمان تلاحظ ده من البرامج الرياضية على القنوات الفضائية، أصبحت كتيرة بغباء، وطبعاً الرياضة كلها تم اختصارها في كرة القدم وبس.
كل الكلام ده ممكن ننفضله ونسيبه في حاله، بس إللي عايز أتكلم عنه هو مدى الهيافة والتدهور العقلي والأخلاقي وفي كثير من الأحيان – ومعلش فالكلمة – الغباء، إللي وصلنا له بسبب الكورة.

أنا بقول ده ليه، لأن الكورة لم تعد مجرد لعبة تلعب وتشاهد من أجل التسلية أو التمتع بالوقت، بل سيطرت على تفكير وعقول الناس ولحست مخهم.

خد عندك مثلاً، واحد يسيب شغله وأكل عيشه عشان يروح القهوة يشوف الماتش، اصله متشفر، دا طبعاً ناهيك عمن يترك الصلاة اصلاً من اجل نفس السبب.

نفس الحكاية في الطلاب، طالب ممكن يكون عنده امتحان تاني يوم وينزل يضيعله ساعة ونص دا غير نص ساعة رايح جاي عشان الماتش ويقولك معلش أصله نهائي اوروبا، برغم انه معندوش استعداد يضيع ربع الوقت ده يقرأ فيه قرآن.
الوكسة والمصيبة الكبيرة كمان في التشجيع، وطبعاً أهمها بين الاهلي و الاسماعيلي، وبما إن أنا من الاسماعيلية فأنا بشوف الحكاية دي لايف.

يعني مثلاً حكاية حسني عبد ربه المشهورة – أنا مليش دعوة بحسني في حد ذاته – طلعوا المشجعين، الجدعان، المخلصين للنادي، الرجالة..!!! ونادوا بتمزيق حسني والانتقام وإللي مش عارف إيه عشان مايروحش الاهلي، لأ وطلع واحد قال: "المحافظة تحط مبلغ على فاتورة الكهرباء وتلم الفلوس وتتدفعها عشان يفضل عندنا" الصراحة كان هاين عليّا ألبه لبة تخمده، طب وأنا مالي، يعني يوم ما تكسبوا هتردلي الفلوس بتعتي، ولا أنا هأكسب إيه إن شاء الله غير حلوتك يا مقطقط.

وكان آخر حاجة الماتش النهائي بين الاهلي والاسماعيلي وإللي كسبه الاهلي، كان قبله في ماتش لكل واحد فيهم مع فريق تاني وحصل إللي حصل، وكنت حاضر آخر شوية من ماتش الاهلي مع بعض الاصدقاء، وهوبة الاهلي جاب الاجوان وكسب الماتش وشوفت هيافة بدرجة لا توصف من صحابي مع كل جون، وخد دي بئا، لما خلص وجابوا شكل فريق الاسماعيلي وهو محسور من فوز الاهلى قام قال واحد فيهم: "بس كدة أنا معدتش عايز الدوري، كفاية عليّا المنظر ده" ، يا لاللي، تحولت كل شعارات التنافس والكلام ده في مجرد رؤية الفريق الآخر حزين، معدتش القضية نكسب وناخد الدوري ولاّ الكاس، المهم الفريق التاني مايخدش حاجة.

ولما فاز الاهلي، طلع برضوا الاسماعيلاوية وشتموا والحكم ظالم والاتحاد ظالم والجمهور ظالم والكورة والبلف بتاعها ظالمين وتييييييييييييت، لدرجة إن فيهم من قال:" لو الاهلي لعب مع إسرائيل، هشجع إسرائيل" !!!!!!!

عشان كدة أنا سميت الموضوع بئس الكورة:
بئس الكورة التي تلهي عن الصلاة وأي عبادة
بئس الكورة التي تعطل عن العمل
بئس الكورة التي تولد الحقد والكراهية
بئس الكورة التي تلغي معاني الولاء والبراء
بئس الكورة التي تورث التفاهة وسوء الخلق
بئس الكورة التي تدمر الأمة

وعلى النقيض فأقول
أهلاً بالكورة كرياضة للجسم تنشطه وتقويه
أهلاً بالكورة التي تنمي روح التعاون والعمل كفريق واحد
أهلاً بالكورة للترويح عن النفس حتى لا نمل

وياريت فعلاً نفهم حياتنا صح، ولو عايزين نلعب نلعبها صح ذي ماهما عرفوا يلعبوها صح ... والحدق يفهم ........

معلش أنا طولت فالكلام، بس استحملوني، والسلام عليكم