السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كنت قاعد مع أمي بنشوف برنامج بيتكلوا فيه عن المشكلة المرورية وإزاي نحلها وكدة، فأمي قالتلي: "نفسي المكروباصات والأوتوبيسات تمشي من غير ما يكون فيها ناس واقفيين، السوائق من دول مايرضاش يطلع من الموقف إلا لما يكون الأتوبيس مليان كراسي وطرقة وباب وكله"، فأنا قلتها : "فعلاً، بس السواق لوحده مش هو السبب"...
فعلاً السواق غلطان، بس مش هو لوحده السبب في كدة، الناس إللي بترضى تقف بين الكراسي وعلى الباب هما كمان سبب في كدة، بل وعليهم مسئولية أكبر، لأن طول ما السواق بيلاقي ناس مستعدة تعمل كدة، هو كمان هيفضل على نفس الحال ويحمل أكتر، هو حجته إنه عايز ناس أكتر عشان يزود المكسب لأن المكسب من الشغلانة دي ضعيف، والناس حجتها إنهم مستعجلين وعادي ومفيش مشكلة من كدة.
التدوينة دي طبعاً مش كلها عن الأتوبيس، دا بس كان الموضوع إللي فتحني في الكلام، لكن المشكلة أكبر من كدة، والموضوع بوضوح أكثر عن المسئولية، وتفلت كل واحد من تحمل أي خطأ، وإن دائما في حد تاني هو الغلطان وهو السبب، المهم إن أحنا براءة، مع إننا أحياناً بنكون المسئولين بنسبة 100%.
وبرضو الموضوع مش قفش كدة، لأن غالباً أي مشكلة موجودة في حياتنا ومجتمعاتنا مفيش حد بعينه أو جهة معينة هي التي تتحمل المسئولية كاملة بنسبة 100%، وإنما غالباً هنلاقي الأدوار موزعة ذي ما بيقولوا، كل واحد ليه دور ولازم يعمله، لاااااازم يعمله...
وهنا بقى مكمن المشكلة، وهي إن كل واحد أوكل جهة يرى الدور والمسئولية الخاصة بالطرف الآخر ولا يرى شيء عليه، أو يظن ظناً أنه قد قام بما عليه وزيادة، فتكون النتيجة إن كل واحد يقول للتاني أنت السبب، أو فلان السبب، وغالباً بنقول كلمة حلوة أوي... " الناس هي السبب" !!!
كأن الناس دول هم كل البشر إلا المتكلم، هو البريمو إللي مابتطلعش منه العيبة، مع إنه قد يكون لا يقوم بأي شيء مما هو واجب عليه إلا من رحم الله.
المشاكل كتير أوي حوالينا، في كل حاجة، خد مثلاً مشكلة القمامة، أوففف، دي مشكلة بجد "زبالة"، أنا فاكر إني كنت في معرض توظيف من فترة وقابلت شاب هناك بيعمل زي حملة من أجل التوعية بالموضوع ده وإفهام الناس إن المشكلة دي بتنبع مننا وإننا لازم أول من يساهم في حلها، بجد عجبني وعجبتني الفكرة، دايماً نقول الشوارع مش نظيفة وعربيات الزبالة مبتجيش تاخد الزبالة بإنتظام ومفيش صناديق ... إلخ، وفعلاً الكلام ده كله موجود، بس تعالى بص بقى من الناحية التانية إللي هيبص منها بتوع الزبالة وشركات النظافة...
ناس وهي ماشية عمالة تاكل في حاجات وترمي الورق في الشارع -في نص الشارع كدة حتى مش على جنب- ناس تاكل بيتزا وبيبسي وتطوح العلب والكنزات من العربية، دا حتى إللي بيروح يرمي الزبالة في الصندوق يعيني مستخسر يحط الزبالة جوة الصندوق، فإما يركنه جنب الصندوق أو يطوحه من بعيد وزي ما تيجي تيجي بقى، دا غير إللي بيرمي الزبالة بالعربية فيحط الكيس على كبوت العربية ويمشي لحد مايوصل قدام الصندوق ويروح كابس فرامل يقوم الكيس متدحرج ومرمي - لأ سويق ياد- وغيره وغيره
دا غلط ودا غلط، الزبالين وبتوع النظافة غلطانين، والناس كمان غلطانة، ولازم نعترف بكدة، مينفعش كل واحد يدور على أي حد مخطيء في حق ما عليه من واجبات ليحمله المسئولية كاملة ويجعلها حجة للتهرب من مسئولياته هو الشخصية.
مثال تاني، وهو الإنحطاط الديني والأخلاقي المنتشر في كل الشوارع، بجد قلة أدب فعلاً، بس نرجع ونقول كل واحد لو دور على نفسه أكيد هيلاقيله دور في ده، إما بمسئوليته عمن هم تحت رعايته ومسئوليته، أو بنصح من يرى منه سوء خلق أو سوء أدب، أو بالتحسين من نفسه وخلقه هو.
مثال أخير، وكتيير أوي بيتكلموا عليه، وهو القضية الفلسطينية، برضوا كل واحد بيرمي الحمل على غيره، يفضلوا ينادوا بالقضية وضرورة الإهتمام بها ومحدش فيهم بيعمل حاجة، والحجة هي مفيش حاجة نعملها... ممم طب ما تفكر كدة شوية، يعني مفيش كدة دعوة حلوة كدة بعمق وصدق ويقين، أنت ليه مستهين بحاجة زي كدة، أنت متعرفش أن الدعاء سلاح الؤمن ( وإن كان في الحديث ضعف )، متعرفش إنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، يا أخي غيرك مبيعملش حاجة ورامي العملية في الأرض أعمل أنت إللي تقدر، أصلح من نفسك وممن حولك وساعد في إخراج أناس صالحين مصلحين يتحملوا فعلاً هم هذا الدين وهذه الأمة.
الأمثلة كتير أوي، وذي ما قلت إحنا مش لوحدنا إللي غلطانين أو مقصرين، لكن بدل ما نقعد نعدد أخطاء الغير، ندور على واجباتنا أولاً ولنبدأ بأنفسنا، عشان منبقاش أحنا السبب...